إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 14 أبريل 2014

أحزانُ القلب أ.د عبد الرحمن بو درع نائب رئيس المجمع


كُلّما أتتكَ بَواعثُ سُرورٍ لتتمَدَّدَ في قلْبِكَ وتَسْرِيَ في شَرايينِكَ حَلَّ بكَ الحُزنُ وتَهاطَلَت أمطارُه في ساحَتِكَ، وأناخَ بكَلْكَلِه عَلى صَدْرِكَ، وسَحَبَ أذْيالَه على كلِّ سُرورٍ، وكأنّ الحُزنَ جِبِلَّةٌ تَطْفو على وَجْهِكَ وأزهارٌ بَرِّيّةٌ تَعْلو على سَطْحِ نَفْسِكَ.

ثمَّ تَتَساءلُ: لِـمَ يستبدُّ بِكَ الحُزنُ عَلى المجْهولِ، وتتراءى لكَ في أحيانٍ كثيرةٍ مَصادرُه، حتّى غَدا يَومُكَ شَجيّاً ولَيْلُكَ نَجيّاً، وأخذْتَ تُدرِكُ من هذه المَلامِح أنّكَ تَجرُّ من وَرائكَ الدّهرَ كلَّه. ولا يَنفكُّ عنكَ ما بِكَ؛ فَلا تَكادُ تَقْوى على قَذفِ الهمّ في وَجهِ الثَرى، ولا نَفْضِ اليدِ من عِبْءِ السِّنين ؟

وإن قيلَ: إنّما الحزنُ ظلمةٌ في القلبِ، قيل له: ليسَ الحُزنُ ظلمةً، ولكنّه حالةُ عَزاءٍ محبّبةٌ إلى النّفوس في زمانِ رَداءةِ الأمور، ليس ظلمةً ولا ظلاماً، ولكنّه ظلٌّ يستظلُّ به المَحْزونونَ في عصرِنا، من وهجِ الأحداثِ وحريقِ المَظالمِ ونارِ الفسادِ،

ولو قال القائلُ: وماذا يُغني الحزن عن صاحبِه؟ وما حظّهُ من دفعِ بَواعثه؟ قيلَ له: هو خيرٌ من مَلاهي المسرّات ونشوة الحفلات الحُمرِ في عزِّ الليالي السّود، التي تُصيبُ القُلوبَ بتصلُب الغفلةِ.

من كتاب: إسعاف الخاطر، الذي لم يُنشَرْ بعدُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق