إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 24 مارس 2014

في قديم الأزل .. !! د. عبدالعزيز الحربي



السائلة (شريفة): قولهم: "في قديم الأزل" هل هي عبارة صحيحة؟
الفتوى 49 : "قديم الأزل" لفظة شائعة على ألسنة الخاصّة والعامّة، ومعناها التركيبي: الأزل القديم؛ لأنه من باب إضافة الصِّفة إلى الموصوف، نحو: كبار القوم، وصغائر الذّنوب، أي: الذّنوب الصغائر، والقوم الكبار، ومنه قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِين) [الواقعة: 95]، أي: اليقين الحقّ. وقد يضاف الموصوف إلى الصّفة أيضًا، كقولهم: المسجد الجامع، وكقول الله سبحانه: (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) [فاطر: 43]، وقوله: (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ) [القصص: 44]، أي: بالجانب الغربيّ، وبحث هذه المسألة مذكور في مبسوطات اللغة وشروح الألفية عند قول ابن مالك:
ولا يضاف اسمٌ لما به اتحدْ
معنًى وأوّل مُوهما إذا وَرَدْ
والبيت في باب الإضافة، وهو في تقرير مسألة إضافة الموصوف إلى الصفة، وللشراح استطراد بعد ذلك في إضافة الصّفة.
هذا هو شرح التركيب من جهة اللّغة، وأمّا من جهة الدّلالة: فالقديم يطلق ويراد به البالي، وما ليس بجديد، وما مضى عليه زمن طويل، وبه يفسّر قوله سبحانه: (حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم) [يس: 39]، وكذلك الأقدم في قوله: (أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُون) [الشعراء: 76]، ويعرّف (الأزل) بأنه ما لا أوّل لوجوده، وبما استمرّ وجوده مع ما مضى من أزمنة لا أوّل لها. وفي (التاج) للزّبيديّ: "والموجود ثلاثة أقسام لها رابع لها: أزليّ أبديّ، وهو الحقّ سبحانه، ولا أزليّ ولا أبديّ وهو الدّنيا، وأبديّ غير أزليّ وهو الآخرة".
وإنّما صحت الإضافة في (قديم الأزل) لتناسب بينهما، فالقديم يطلق على ما تقادم عهده مطلقًا، وأما الأزل فزمانه الماضي غير متناهٍ، فما مضى من معنى الأزلي، وقدم عهده فهو قديم ولو عرف عهده، وما من مضى من الزمان الذي لا يحدّ أوله هو أيضًا قديم، وهذا أيضًا أحد معنيي (الأزليّ).
والمعنى الثاني: الوجود المستمرّ كما تقدّم، فقول الناس: في قديم الأزل، كقولهم: في قديم الزمان، وفي الأزل، ما هو مستمرّ الوجود، وما هو ماض لا يُدرك له ابتداء، وفي بعض أجزائه ما تقادم عهده، فإذا قصد هذا المعنى الأخير قيل: قديم الأزل. وهذا معنى صحيح، ولا جناح علينا في إطلاقه، ولم يزل العلماء يقولونه من غير نكير.

معجم القراءات المؤلف: د /عبد اللطيف الخطيب



معجم القراءات
المؤلف: د /عبد اللطيف الخطيب
دار سعد الدين - دمشق
الطبعة الأولى 1422هـ / 2002م.

من هنا

سلسلة: الصيد الثمين من أخبار الحمقى والمغفلين(7) أبو تراب السلفي

الباب الخامس في ذكر صفات الأحمق

صفات الأحمق تقسم إلى قمسين‏:‏ 
أحدهما‏:‏ من حيث الصورة والثاني‏:‏ من حيث الخصال والأفعال‏.‏

صفات الأحمق من حيث الصورة‏:‏ ذكر القسم الأول‏:‏ قال الحكماء‏:‏ إذا كان الرأس صغيراً رديء الشكل دل على رداءة في هيئة الدماغ‏.‏

قال جالينوس‏:‏ لا يخلو صغر الرأس البتة من دلالة على رداءة هيئة الدماغ وإذا قصرت الرقبة دلت على ضعف الدماغ وقلته ومن كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في همته وعقله مثل الرجل العظيم البطل القصير الأصابع المستدير الوجه العظيم القامة الصغير الهامة اللحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين فكأنما وجهه نصف دائرة‏.‏

صفة الرأس‏:‏ كذلك إذا كان مستدير الرأس واللحية ولكن وجهه شديد الغلظ وفي عينيه بلادة وحركة فهو صفة العين‏:‏ فإن كانت العين ذاهبة في طول البدن فصاحبها مكار لص وإذا كانت العين عظيمة مرتعدة فصاحبها كسلان بطال أحمق محب للنساء‏.‏

والعين الزرقاء التي في زرقتها صفرة كأنها زعفران تدل على رداءة الأخلاق جداً والعين المشبهة لأعين البقر تدل على الحمق وإذا كانت العين كأنها ناتئة وسائر الجفن لاطىء فصاحبها أحمق وإذا كان الجفن من العين منكسراً أو متلوناً من غير علة فصاحبها كذاب مكار أحمق والشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة وعلى الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة‏.‏

صفة العنق والشفة‏:‏ ومن طالت عنقه ورقت فهو صياح أحمق جبان ومن كان أنفه غليظاً ممتلئاً فهو قليل الفهم ومن كان غليظ الشفة فهو أحمق غليظ الطبع‏.‏

ومن كان شديد استدارة الوجه فهو جاهل ومع عظمت أذنه فهو جاهل طويل العمر‏.‏

وحسن الصوت دليل على الحمق وقلة الفطنة واللحم الكثير الصلب دليل على غلظ الحس والفهم والغباوة والجهل في الطول أكثر‏.‏

عظم الهامة‏:‏ وقال الأحنف بن قيس‏:‏ إذا رأيت الرجل عظيم الهامة طويل اللحية فاحكم عليه بالرقاعة ولو كان أمية بن عبد شمس‏.‏

وقال معاوية لرجل عتب عليه‏:‏ كفانا في الشهادة عليك في حماقتك وسخافة عقلك ما نراه من طول لحيتك‏.‏

وقال عبد الملك بن مروان‏:‏ من طالت لحيته فهو كوسجٌ في عقله‏.‏

وقال غيره‏:‏ من قصرت قامته وصغرت هامته وطالت لحيته فحقيقاً على المسلمين أن يعزوه في عقله‏.‏

وقال أصحاب الفراسة‏:‏ إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق وإذا انضاف إلى ذلك أن يكون رأسه صغيراً فلا تشك فيه‏.‏

وقال بعض الحكماء‏:‏ موضع العقل الدماغ وطريق الروح الأنف وموضع الرعونة طويل اللحية‏.‏

وعن سعد بن منصور أنه قال‏:‏
 قلت لابن إدريس‏:‏ أرأيت سلام بن أبي حفصة قال‏:‏ نعم رأيته طويل اللحية وكان أحمق‏.‏

وعن ابن سيرين أنه قال‏:‏ إذا رأيت الرجل طويل اللحية لم فاعلم ذلك في عقله‏.‏

قال زياد ابن أبيه‏:‏ ما زادت لحية رجل على قبضته إلا كان ما زاد فيها نقصاً من عقله‏.‏

قال بعض الشعراء‏:‏ متقارب‏:‏ إذا عرضت للفتى لحيةٌ وطالت فصارت إلى سرته كلام الأحمق أدل شيء على حمقه‏:‏ ومن صفات الأحمق صغر الأذن ويعرف الأحمق بمشيه وتردده وكلام الأحمق أقوى الأدلة على حمقه‏.‏

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ بلغني أن المهدي لما فرغ من عيسا باذ ركب في جماعة يسيرة لينظر فدخل مفاجأة فأخر كل من كان هناك من الناس وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان فرأى المهدي أحدهما وهو دهش لا يعقل فقال‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا أنا أنا قال‏:‏ ويلك من أنت قال‏:‏ لا أدري قال‏:‏ ألك حاجة قال‏:‏ لا لا قال‏:‏ أخرجوه أخرج الله نفسه‏.‏

فدفع في قفاه فلما خرج قال لغلامه‏:‏ اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره ومهنته فإني أخاله حائكاً‏.‏

فخرج الغلام يقفوه ثم رأى الآخر فاستنطقه فأجابه بقلب قوي ولسان جريء فقال‏:‏ من أنت فقال‏:‏ رجل من أبناء رجال دعوتك قال‏:‏ فما جاء بك إلى هنا قال‏:‏ جئت لأنظر هذا البناء الحسن‏.‏

وأتمتع بالمنظر وأكثر من الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة قال‏:‏ ألك حاجة قال‏:‏ نعم خطبت ابنة عم لي فردني أبوها وقال‏:‏ لا مال لك والناس يرغبون في المال وأنا بها مشغوف قال‏:‏ قد أمرت لك بخمسين ألف درهم قال‏:‏ جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة ومننت فأعظمت المنة فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه وآخر أيامك خيراً من أولها ومتعك بما أنعم به وأمتع رعيتك بك‏.‏

فأمر أن يعجل صلته ووجه بعض خاصته معه وقال‏:‏ سل عن مهنته فإني أخاله كاتباً‏.‏

فجاء الرسول الأول فقال‏:‏ وجدته حائكاً وأخبر الآخر قال‏:‏ وجدته كاتباً‏.‏

فقال المهدي‏:‏ لم يخف علي مخاطبة الحائط والكاتب‏.‏

يعرف الأحمق من كنيته‏:‏ وقد روي عن معاوية أنه قال لأصحابه‏:‏ بأي شيء تعرفون الأحمق من غير مجاورة قال بعضهم‏:‏ من قبل مشيته ونظره وتردده وقال بعضهم‏:‏ لا بل يعرف حمق الرجل من كنيته ونقش خاتمه فبينما هو يخوضون في حديث الحمقى إذ صاح رجل لرجل‏:‏ يا أبا الياقوت فدعا به معاوية فإذا رجل عليه بزة فحاوره ساعة ثم قال‏:‏ ما الذي على فص خاتمك فقال‏:‏ ‏"‏ ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ‏"‏ فقالوا يا أمير المؤمنين‏:‏ الأمر كما قلت‏.‏

وعن الشافعي أنه قال‏:‏ إذا رأيت الرجل خاتمه كبير وفصه صغير فذاك رجل عاقل وإذا رأيت فضته قليلة وفصه كبير فذاك عاجز وإذا رأيت الكاتب دواته على يساره فليس بكاتب وإذا كانت على يمينه صفات الأحمق الخلقية‏:‏ ذكر القسم الثاني‏:‏ وهو المتعلق بالخصال والأفعال‏.‏

من ذلك ترك نظره في العواقب وثقته بمن لا يعرفه ولا يخبره ومنها أنه لا مودة له‏.‏

العجب وكثرة الكلام‏:‏ 
ومنها العجب وكثرة الكلام قال أبو الدرداء‏:‏ لا يغرنكم ظرف الرجل وفصاحته وإن كان مع ذلك قائم الليل صائم النهار إذا رأيتم فيه ثلاث خصال العجب وكثرة المنطق فيما لا يعنيه وإن يجد على الناس فيما يأتي مثله فإن ذلك من علامة الجاهل‏.‏

وقال عمر بن عبد العزيز‏:‏ ما عدمت من الأحمق فلن تعدم خلتين سرعة الجواب وكثرة الإلتفاتات وتكلم رجل عند معاوية فأكثر الكلام فضجر معاوية فقال‏:‏ اسكت‏.‏

فقال‏:‏ وهل تكلمت الخلو من العم أصلاً‏:‏ ومن علامات الأحمق خلوه من العلم أصلاً فإن العقل لا بد أن يحرك إلى اكتساب شيء‏.‏

فقال‏:‏ وهل تكلمت ومن علامات الأحمق خلوه من العلم أصلاً فإن العقل لابد أن يحرك إلى اكتساب شيء من العلم وإن قل فإذا غلب السن ولم يحصل شيئاً من العلم دل على الحمق‏.‏

قال الأعمش‏:‏
 إذا رأيت الشيخ ليس عنده شيءٌ من العلم أحببت أن أصفعه‏.‏

كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب صديقاً للوليد يأتيه ويؤانسه فجلسا يوماً يلعبان بالشطرنج إذ أتاه الآذن فقال‏:‏ أصلح الله الأمير رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازياً فأحب السلام عليك فقال‏:‏ دعه فقال عبد الله‏:‏ وما عليك ائذن لي فنظل نحن على لعبنا فادع بمنديل يوضع عليها ونسلم على الرجل ونعود ففعل ثم قال‏:‏ ائذن له فإذا هو رجل له هيبة وبين عينيه أثر السجود وهو معتم قد رجل لحيته فسلم ثم قال‏:‏ أصلح الله الأمير قدمت غازياً فكرهت أن أجوزك حتى أقضي حقك فقال‏:‏ حياك الله وبارك عليك ثم سكت عنه فلما أنس أقبل عليه الوليد فقال‏:‏ يا خال هل جمعت القرآن قال‏:‏ لا كانت شغلتنا عنه شواغل قال‏:‏ أحفظت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه وأحاديثه شيئاً قال‏:‏ لا كانت شغلتنا عن ذلك شواغل‏.‏

قال‏:‏ فأحاديث العرب وأشعارها قال‏:‏ لا قال‏:‏ فأحاديث أهل الحجاز ومضاحيكها قال‏:‏ لا قال‏:‏ فأحاديث العجم وآدابها قال‏:‏ ذاك شيء ما طلبته فرفع الوليد المنديل وقال‏:‏ شاهك فقال عبد الله بن معاوية‏:‏ سبحان الله قال‏:‏ لا والله ما معنا في البيت أحد فلما رأى ذلك الرجل خرج وأقبلوا على لعبهم‏.‏

يفرح الأحمق بالمدح الكاذب‏:‏ 
ومن خصال الأحمق فرحه بالكذب من مدحه وتأثره بتعظيمه وإن كان غير مستحق لذلك‏.‏

عن الحسن أنه يقول‏:‏ 
خفق النعال خلف الأحمق قلما يلبث‏.‏

وقال زيد بن خالد‏:‏ ليس أحد أحمق من غني قد أمن الفقر وفقير قد آيس من الغنى‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏
 إذا أردت أن تعرف عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه بحديث لا أصل له فإن رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنه أحمق وإن أنكره فهو عاقل‏.‏

بعض الحكماء يصف أخلاقه الحمق‏:‏ وقال بعض الحكماء‏:‏ من أخلاق الحمق العجلة والخفة والجفاء والغرور والفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر إن استغنى بطر وإن افتقر قنط وإن فرح أشر وإن قال فحش وإن سئل بخل وإن سأل ألح وإن قال لم يحسن وإن قيل له لم يفقه وإن ضحك نهق وإن بكى خار‏.‏

يعرف الأحمق بست خصال‏:‏ الغضب من غير شيء والإعطاء في غير حق والكلام من غير منفعة والثقة بكل أحد وإفشاء السر وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس‏.‏

علامات الحمق‏:‏ وقال أبو حاتم بن حيان الحافظ‏:‏ علامة الحمق سرعة الجواب وترك التثبت والإفراط في الضحك وكثرة الإلتفات والوقيعة في الأخيار والإختلاط بالأشرار والإحمق إن أعرضت عنه أعتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن حلمت عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عليك وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته فمن ابتلى بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك‏.‏

قال محمد الشامي‏:‏
 السريع‏:‏ لنا جليسٌ تاركٌ للأدب جليسه من قوله في تعب يغضب جهلاً عند حال الرضى ومنه يرضى عند حال الغضب

كلمة حول كتاب « نظريةُ الموضع في كتاب سيبويه » للدكتور علي بن معيوف بن عبد العزيز المعيوف مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط.1، 1431هـ/2010مأ.د عبد الرحمن بو درع نائب رئيس المجمع

أصدرَ مركز الملك فيصل للبُحوث والدّراسات الإسلاميّة، كتاباً في النظرية النحوية العربية، عنوانُه: «نظرية الموضع في كتاب سيبويه». وأصلُ الكتابِ رسالةٌ مقدمة للحُصول على درجةِ الدّكتوراه في قسم اللغة العربية بكلية آداب جامعة الملك سعود – الرياض، للدكتور علي بن معيوف المعيوف، الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية آداب جامعة الملك سُعود، والمستشار في وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي (برنامج كراسي البحث)، وصاحب أبحاث علمية منها هذاالكتاب، وكتابٌ آخَر نالَ به دَرجة الماجستير في موضوع "المركّب الاسميّ في كتابِ سيبويه" .
وقد أشرفَ على هذا البحث الجليل الذي بين أيدينا فضيلةُ الأستاذ العلاّمةُ شيخُ اللغويين الدّكتور أبو أوس إبراهيم بن سُليمان الشّمسان، حفظه الله، أستاذُ الأجيالِ الجامعيّةِ وصاحبُ النّظراتِ العميقَة والاجتهاداتِ الدّقيقَة في ميدان البُحوث النّحوية والصّرفيّة واللغويّةِ.
***

موضوع الكتابِ "نظرية الموضع في كتابِ سيبويْه"، الانطباعُ الأوّلُ الذي يُمكنُ أن يحصلَ في نفسِ قارئ هذا الكتابِ النّفيسِ، أنّ صاحبَه بحَثَ في الكلّيّاتِ النّظريّةِ انطلاقاً من الظّواهرِ اللغويّةِ، وتفصيلُ ذلِكَ أنّ هيئةَ النّظريّة النّحويّةِ التّركيبيّةِ العربيّة –على نحو ما تبدو عليه في كتابِ سيبويْه- لا سبيلَ إلى الْتماسِها من خارِج كتابِ سيبويْه، وإنّما تُسْتَقْرى من الكتابِ، ثمّ لا سبيلَ إلى استخراجها من الكتابِ إلاّ إذا توسَّلَ المُستخرِجُ بأدواتِ فهمٍ عربيّةٍ خالصةٍ، واشتمَلَ على ذوقٍ عربيّ سليمٍ وأساسٍ لغويّ عربيّ مَتينٍ وتلطُّفٍ في حضرةٍ كتابِ سيبويْه، وسَمتٍ علميّ مكينٍ، وصبرٍ على استعصاءِ النُّصوصِ وتمنُّعِها، وقدرةٍ عاليةٍ على تركيبِ الشّتاتِ المتناثِرِ في ثَنايا الكتابِ لاستصفاءِ صورةِ النّظريّةِ المتكاملة.

يُفهَمُ من عنوانِ هذا الكتابِ (نظرية الموضع في كتابِ سيبويه) أنّ سيبويْه لم يَقتحمْ حِمى العربيّةِ لوَصفها وتَفسيرِها إلاّ وهو مزوَّدُ الذّهنِ بنظريّةٍ مُحكَمَةٍ متكاملةٍ واضحةِ المَعالمِ، متناسقةِ الأجزاءِ عن خارطَةِ المَواضعِ ورُتبتِها في البنيةِ التّركيبيّةِ للجملة العربيّةِ، وأنّ هذه النّظريّةَ مضبوطةٌ بجملةٍ من المَبادئ التي تُظلُّها، ونتجَ عن تطبيق سيبويه لنظريّته مواضعُ رئيسةٌ، في بناءِ التّركيبِ العربيّ المجرّد، وأخرى مُحتمَلَةٌ.

ولا يَغيبَنّ عن أذهان القُرّاءِ أنّ البحثَ في كتابِ سيبويه ليس بالأمرِ الهيّن، ومرجعُ الصّعوبةِ إلى أسلوبِ سيبويْه في مُعالجةِ ظواهرِ العربيّةِ، فالعباراتُ التي يستعملُها ويتخذُها مُصطلحاً تتعدّد للمُسمّى الواحدِ، والشّروحُ لا تُسعفُ بالمَطلوبِ إذ تجدُ الشرحَ ينتقي الموادَّ المشروحةَ فيأخذُ ويَذَرُ، وبعضُ الشروح لَمّا يُحقَّقْ، والنحاةُ الذينَ خَلَفوا من بعدِ سيبويْه لم يكملوا مَشروعَه النّظريّ الذي بدأه، بل لم يستوعبْه كثيرٌ منه، فظلّ عالقاً يحتاجُ إلى الباحثين ذوي عُدّةٍ نَظريّةِ وزادٍ مَعرفيّ، ولا يَسَعُ الباحثَ أمامَ هذه المُشكلاتِ والعَوائقِ إلاّ أن يقتحمَ غمارَ البحثِ عن مَعالم النظريّةِ بزادٍ واسعٍ من الفهم والعلم والصّبرِ.

اجتهَدَ الباحثُ في استخراجِ معالمِ نظريةِ الموضعِ، وهو وظيفةُ الاسمِ النّحويّةُ في بناءِ تَركيبِ الجملةِ العربيّة، انطلاقِ من افتراضِ وجودِ تصوّرٍ ذهنيّ صدرَ عنه سيبويْه في نظريّتِه ووزّعَ بمُقتَضاه قواعدَ للاسم وقَوانينَ في ذاته وفي علاقاته بالأسماءِ والأفعال والحروفِ وفي عامليّتِه ومَعموليّته.

يأتي هذا الكتابُ النفيسُ ليُعيدَ تركيبَ التّصوّرِ الذّهنيّ أو الخارطةِ الذّهنيّةِ التي صدَرَ عنها سيبويْه في بناءِ نظريّتِه التّركيبيّةِ العربيّةِ، والمهمّ في الأمرِ أنّ هذه النّظريّةَ المتناسقةَ الأجزاءِ المبنيّةً بناءً منطقياً دقيقاً، التي لم تُغفِلْ ما ندّ عن القاعدةِ وشذّ، لم يبدُ منها إلاّ أثرُها، وهذا الأثرُ هو أقوالُ سيبويْه المنثورةُ في الكتابِ وأوصافُه للعربيّةِ وتحليلُه لوجوهها الصرفيةِ والتّركيبيّةِ والدّلاليّةِ، وبقيَ على الباحثِ أن يكشفَ عن النظريّةِ المُجرّدَة ويبسطَ القولَ في تفاصيلها، وفي تَنزيلِها على إنجازِ الكلامِ وتحقّقِها في حركةِ التواصُل بين أركانِ الاتّصالِ الثّلاثة وهي الرسالة والمرسِل والمُخاطَب. ففي كتابِ الباحثِ تجريدٌ وتجديدٌ؛ تجريدٌ للنظريّة من الأقوالِ والشّواهدِ والأمثلةِ لاستخراجِ معالمِ نظريّةِ الموضع، وتجديدٌ لمنهاجِ البحثِ في كتابِ سيبويْه وفي تركيب اللغة العربيّة.

ولم يَخلُ طريقُ البحثِ من عَوائقَ اعْترَضَت في أثناءِ البَحثِ عن المُفرَداتِ الدّالةِ على المَفْهومِ المُرادِ، فليسَت كلُّ كلمةِ "مَوْضعٍ" ورَدَت في كتابِ سيبويْه تدخلُ في حيّزِ القصدِ من نظريّةِ الموضعِ؛ لأنّ مرادَ النظريّة كلُّ لفظٍ دالٍّ بنفسِه أو بمَعْناه وسياقِه على المَعنى المَطلوب، ومعنى ذلِك أنّ حزونةَ البحثِ إنّما في انتقاءِ ما يدخلُ في الحيّزِ واستبعادِ ما لا يدخلُ، حتّى يكونَ بناءُ الصّورةِ الكاملةِ لنظريّةِ الموضعِ مبنياً على استقراءٍ منهجيٍّ دقيقٍ، وهكذا فقد نبّه الباحثُ على المَعاني المعجميّة لكلمة موضع في الكتابِ، ممّا لا يدخلُ في مجالِ النظريّةِ أو يدخلُ دخولاً جزئياً، وهي خمسةَ عشرَ معنىً، ثمّ ورَدَ لفظُ "الموضع" بمَعناه الاصطلاحيّ المرادِ، وهو الوظيفَة الاسميّةُ النحويّة في البناءِ التّركيبيّ للجملة العربيّة، وهو مَعقدُ العناية والاهتمامِ في البحثِ.

لقد حاولُ الباحثُ الكريمُ أن يبرهنَ على أنّ صاحبَ الكتابِ، نشأت في ذهنه صورةُ النّظريّة بعدَ أن ثَقِفَ لسانَ العربِ واستقْرى نُصوصَ العربيّةِ، فانقَدَحَت عندَه شرارةُ العلم النظريّ المجرَّد، ثمّ صاغَ في ذهنه خريطةَ التركيبِ المجرّد للعربيّة، ثمّ طفقَ يتنقّلُ من النصوصِ إلى النظريّةِ لتَجريد الصّورةِ الذّهنيّةِ، ثمّ من النّظريّة إلى النّصوصِ للتّمحيصِ واختبارِ قوّةِ البناءِ.

هذا وقد بسَط الباحثُ في الفصلِ الثاني من الكتابِ، قوامَ النّظريّةِ، نظريّةِ سيبويْه في الموضعِ، وفصّل الكلامَ في مَبادئها الاثني عشَرَ ، ثمّ تلا ذلِك ذكرٌ للمبادئ العامّة التي تنظّمُ رتبةَ المواضعِ وهي سَبعُ مبادئَ.

ومن مقوّماتِ النّظريّةِ بعدَ المبادئِ أيضاً، المواضعُ الرّئيسةُ والمواضعُ المُحتمَلَةُ في البناءِ التّركيبيّ المجرّد للعربيّة؛ وقد قسّمَ المَواضعَ بحسَب الوظائفِ النّحويّةِ التي يؤدّيها كلّ موضوعٍ في التّركيبِ؛ فمنها ما لا يَقومُ التّركيبُ العربيّ إلاّ به، ومنها ما يكونُ على سبيلِ الزّيادةِ والتّقويةِ للتّركيبِ كلّما احتاجَ المتكلّمُ إلى وظيفةٍ من الوظائفِ المحتمَلَة، ومن المفيدِ أن يُشارَ في هذا السياقِ إلى أنّ الباحثَ نبّه على التّفريقِ بين الفَهمِ الصّحيحِ للتركيبِ العربيّ حسب ما تُمليه نظريّةُ سيبويْه وبين الفَهم الذي درجَ عليه النّحويّون الخالفونَ من بعدِه الذين اختزَلوا أنماط الوظائفِ في العُمَدِ والفضلاتِ، وهو أمرٌ لم يُردْه سيبويْه ولم يَرمْه، خاصّةً أنّه يُعالجُ التّركيبَ العربيّ بوصفه رسالةً بين متكلّمٍ ومتلقٍّ في سياقٍ ومَقاصدَ، وهذه الأطرافُ كلُّها تضبطُها نظريّةٌ مُحكَمَةُ الصّنعِ مَضبوطةٌ بمَبادئَ عامّةٍ مُستخرَجَةٍ من صميمِ الكَلامِ العربيّ الفَصيحِ شعرِه ونثرِه.

ومن مقوّمات النظريّة أيضاً الرتبةُ الأصليّةُ للمواضعِ، والمقصودُ بها الرّتبةُ الأصليّةُ بين المواضعِ وليسَ بين الكلماتِ كَما جَرى عليْه النّحويّونَ قديماً والباحثونَ المُعاصرونَ، ثمّ يأتي الحديثُ عن الفعلِ بوصفه يؤدّي علاقةً إسناديّةً في التّركيب، ثم الحرفُ بوصفه رابطاً وليس له موقعٌ إعرابيّ.
ومن المقوّماتِ أيضاً عناصرُ الاتّصالِ التي هي المُرسِلُ والمتلقّي والرّسالةُ؛ فعلى المتكلّمِ الالتزامُ بما نطقَت به العربُ واتّباعُهم وتَقليدُهم في ذلِكَ، وعلى المرسِلِ بناءُ الكلامِ وفقَ المَقاصدِ والأغراضِ، وعلى المتلقّبي أن يلتزمَ بما يلتزمُ به المتكلّمُ من نظامِ المَواقعِ وأن يكونَ على علمٍ بالمَواضعِ المُحتمَلَة حتّى يتوصّلَ إلى وضعِ كلّ وظيفةٍ في موضعها من التّركيب، ومَلءِ ما سكتَ المتكلمُ عن اللفظِ به وهو يريدُه، اقتصاداً في الكلامِ وتخفيفاً، ولما في صدرِه من العلمِ به.
هذا وقد عقدَ الباحثُ فصلاً برمّته لمبحثٍ لا شكّ أنه يُجيبُ به –وإن لم يُصرّحْ- عن سؤالٍ ضمنيّ سيبْتدرُ إلى ذهنِ كلّ قارئ لكتابِه أو لعنوان كتابِه، وهو ما أثرُ النّظامِ الموضعيّ في العربيّة، فيُجيبُ بأنّ نظامَ التّركيبِ في العربيّة لبناتٌ يُبْنى بعضُها على بعضٍ، ويُؤلَّفُ فيها اللاحقُ على السّابق، وأنّ « المَواضعَ/الوظائفَ الاسميّةَ في جملةٍ ما تكونُ مبنيّةً على ما يُبدأ به التّركيبُ...»، ولا يؤثّرُ هذا الوضعُ البنائيّ في حركيّةِ الطّبيعةِ النّظريّةِ للمواضعِ.

ثمّ يُضافُ إلى ذلِك تأثيرٌ آخرُ وهو أنه إذا حُذفَ ما يؤسَّسُ عليه التّركيبُ جازَ أكثرُ من وجهٍ إعرابيّ في تقديرِ المحذوفِ، من الوجهةِ النّظريّةِ، ما لم يَنطق المتكلّمُ بوجه إعرابيّ ما فيُخصّصَ المُحتمَل ويَتَعَيّن. ومن المَظاهرِ النظريّة للنظامِ الموضعيّ في العربيّة أيضاً، صفتا الامتدادِ والتراكُمِ في حدودِ المسموحِ به في كلامِ العرب، اللّتانِ يمكنُ أن تملآ المواقعَ، وإذا امتلأت المواضعُ أمكنَ الوُقوفُ واستئنافُ جملةٍ جديدةٍ...

وما زالَ الباحثُ يزيدُ مفهومَ الموضعِ بَسطاً وإيضاحاً ويميزُه عن اللفظِ الحالّ فيه، ويبين وجه التفاعل بينه وبين الكلامِ، وعلاقة العامل بالموضعِ...

ثمّ يأتي الفصلُ الرابعُ، آخرُ الفُصولِ، وفيه حديثٌ عن مظاهرِ النّظريّةِ في معالجةِ سيبويه العربيّةَ؛ فقَد استعملَ سيبويه طرقاً للاستدلالِ على الموضعِ، منها الاستبْدالُ، وهو استبدالُ لفظ بلفظٍ أو مفردٌ بجملة، يشتركانِ في أداءِ الوظيفةِ نفسِها في الجملة، ومنها إعادَة ترتيبِ ما يؤدّي الوَظائفَ الاسميّةَ في الجملةِ المُتحدَّث بها بما يُطابقُ رتبةَ المواضع في البناءِ التّركيبيّ المجرَّد للجملةِ العربيّة. ومنها «تغييرُ ترتيب ما يؤدّي الوظائفَ الاسميّةَ لبيانِ أنّ المعنى المُرادَ يختلّ بالتّرتيبِ الجديد»، ومنها إدخالُ زيادة في الجملة، لبيانِ الموضعِ، والإتيانُ بمُعادلٍ لبيان الموضعِ، ومنها إثارةُ سيبويه السّؤالَ لتبيين الموضع، ومنها الاستناد إلى مراد المرسِل لبيانِ موضع مشغولٍ في جملةٍ ما.

أمّا مَظاهرُ النّظريّة في تحليلِ سيبويه فتظهرُ في تعدُّد التوجيه الإعرابيّ لتعدّد احتمالات الاستعمالِ التي تسمحُ بها المواضعُ، وفي تفسيرِ الغرض من استعمالِ ظواهرَ لغويّةٍ كضميرِ الفصل، وفي الحُكم على اسم ما بأنّه لغوٌ لا يؤدّي وظيفةً اسميّةً نحويّةً في الكلام، وفي عدمِ الوقوفِ عند اللفظِ الظّاهرِ أثناءَ التّحليلِ، كاللفظِ المبنيّ لزوماً فهو في موضعٍ من مواضع الجملةِ ويؤدّي الوظيفةَ النحويّةَ التي يؤدّيها الاسمُ المُعرَبُ، ومن مظاهرِ النّظريّة التّفسيرُ بالمُجاورةِ أو الجوارِ في الإعراب.

ثمّ انتهى الباحثُ في خاتمةِ الكتابِ إلى أنّ الاعتمادَ على نظريّة الموضعِ يُعدُّ مستوىً في تحليل الجملة، بل أرى أنّ تَحكيمَ نظريّة الموضعِ ييسّرُ تصوّرَ الخَريطةِ التي وجَّهَت تفكيرَ سيبويْه وهو يصفُ نُصوصَ العربيّةِ ويُفسّرُها. لأن البحثَ الذي يَقومُ على افتراضِ وجودِ نظريّةٍ موجِّهةٍ تتحكّمُ في كلّياتِ العملِ المدْروسِ وجزيّاتِه، وفي مُفرداتِه ومُصطلحاتِه، وفي آلاتِه وأدواتِه، وفي طرائقِه ومَسالكِه، ليُعدُّ بحثاً علمياً أكاديمياً أصيلاً يمتازُ بالجهدِ والإبْداعِ والتّجديدِ، وإنّ استكشافَ الهيكل النّظريّ للمصنّفاتِ الكُبْرى إنّما هو بحقّ دفعٌ للبحثِ إلى الأمامِ وإخْراجٌ للبُحوثِ من دائرةِ الجمودِ والتّقليدِ. ولم يفُت الباحثَ وهو يُقدّمُ هذا العملَ العلميَّ الأصيلَ الجديدَ أن يُنبّهَ على ضرورةِ اعتمادِ نظريّةِ الموضِعِ في قراءَة النّحوِ العربيّ وعَرضِ مادّتِه التّركيبيّةِ. وهذه التّوصيةُ في ذاتِها إسهامٌ في تجديدِ النّحوِ العربيّ، ووضعٌ له في مَصافِّ الأنحاءِ اللغويّةِ واللّسانيّةِ المتطوِّرَة الكُبْرى.
ويُعزّزُ هذا الحُكمَ أنّ الباحثَ لم يفرغْ من بحثِه المبدِع الأصيلِ إلاّ بعدَ أن رسمَ خريطةً لنظريّة المَوْضِع المُفترَضَة أبرز فيها جميعَ المواضعِ المُحتمَلَة والمملوءَة والروابط التي تربطُ المواضعَ بالوظائفِ النّحويّة التّركيبيّة، وبيَّنَ في هذا الرّسمِ المُشجَّر أنّ لسانَ العربِ بناءٌ متماسكٌ متّسقٌ يشدّ بعضُه بعضاً، وأنّ أقربَ طريقٍ لاكتشافِ الترابُط والوُقوفِ على العلاقاتِ الواصلَة بين ظواهرِ اللغةِ، طريقُ التّنظيرِ، وأنّ أسلَمَ أسلوبٍ لاستكشافِ النّظريّة هو استخراجُ مَعالمِها من نسَقِ المادّةِ المَدْروسَة ومنطقِها، من غيرِ إقحامٍ أجسامٍ غريبةٍ من خارِج النَّسَقِ.

وهكذا يُلاحظُ أنّ الباحثَ ظلّ وفيّاً للبناءِ النّظريّ الذي بَناه لبحثِه، ولم يَحِدْ قِيدَ أنملةٍ عن تلمّسِ مظاهرِ النظر في كتابِ سيبويْه بعامّة، ونظريّةِ الموضعِ بصفةٍ خاصّةٍ، فجاء البحثُ كلّه من فاتحته إلى خاتمته بناءً نظرياً منطقياً متماسكاً منسجماً يشرحُ ويفسّرُ ويُعلّلُ نظريةَ سيبويه ويُحصي الأدلّةَ والبَراهينَ على ذلِك ممّا تيسّرَ جمعُه وتتبُّعه من منهجِ سيبويه في التحليل والتعليل وطرائقِه في التعامُل مع الشّواهدِ والأمثلةِ.

وسأكرر ما قُلتُه سابقاً عن الكتابِ الأولِ في منهج الباحث الكريم في معالجته لنصوص الكتاب، عند الحَديثِ عن البحث الأول [المركّب الاسمي في كتاب سيبويه]، وهو أنه اعتمدَ في درسه لكتابِ سيبويْه واستخراجِه بعضَ معالمِ بنائه النظريّ، على منهج أصيل وذوقٍ عربيّ سليمٍ، صافٍ لا تشوبُه عُجمةٌ ولا إسقاطٌ ولا تأثّرٌ، وهو نهج أصيل يَقوم على قراءةٍ ووصفٍ وتفسيرٍ لقضايا العربيّةِ يعتمدُ أسلوبَ استئنافِ مَشْروعِ الأسُس المعرفيّةِ الرّاسخَةِ التي تشدُّ بُنيانَ علوم العربيةِ نحوِها وصرفِها وبلاغتِها ومُعجمِها، وهي علومٌ قائمةٌ على أسُسٍ وأصولٍ عربيّةٍ خالصةٍ ذاتِ طابعٍ أصيلٍ، نابعةٍ من نَسَقِ اللّغة العربيّةِ ذاتِه.

الأحد، 23 مارس 2014

قواعد في الصرف (2).. د. عبد العزيز بن علي الحربي


4- الميزان الصرفيّ (فَعَل).
5- القلب المكاني كـ(جبذ) أصلها (جذب).
6- الفعل الصحيح: كـ(خلق) والمعتل: كـ(هدى).
البلاغة فنونها وأفنانها ( علم البيان والبديع)
د.فضل حسن عباس
سلسلة بلاغتنا ولغتنا 2
دار الفرقان للنشر والتوزيع
الطبعة العاشرة 2005م

من هنا

بين أبي تمام والمتنبي=3 أ.د. محمد جمال صقر عضو المجمع

بين أبي تمام والمتنبي
3
لأبي تمام والمتنبي كليهما قصائد عصماﺀ، من مثل بائية أبي تمام: "أهنّ عوادي يوسفٍ وصواحبُهْ"، وميمية المتنبي: "على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ"- فتنت النقاد عن غيرها؛ فأكثروا فيها حتى جعلوها أعلاما على أغراضها، ولم يعد أحد يستطيع أن ينجو من كلامهم فيها برأي خالص لنفسه في علاقة ما بين أبي تمام والمتنبي، ولاسيما أن لها من الغلبة على الشعراﺀ ومنهم هنا المتنبي، مثل ما لها من الغلبة على النقاد، ومنهم هنا الكاتب.
من ثم ينبغي لكل ذي رأي مثلي في علاقة ما بين أبي تمام والمتنبي، أن يخالف عن قصائدهما العصماﺀ إلى غيرها مما يتوارد عروضا ولغة، فيغري بالموازنة، ويقوم عليها حتى تبلغ غايتها. وليس أصوب في سبيل ذلك من تجاوز قصائد الأبحر المتصدرة إلى غيرها، ثم لابد في الاختيار أن يبدأ من شعر المتنبي الأقل إلى شعر أبي تمام الأكثر.
ولقد أفضى بي تفتيش شعر المتنبي على ذلك، إلى أمدوحته هذه الوافرية الأبيات المقطوفة الأعاريض والأضرب، العينية القوافي المفتوحة المردفة بياﺀ المد أو واوه الموصولة بالألف:
[1] فَصْلُ الأطلال
مُلِثَّ القَطْرِ/1 أَعْطِشْهَا رُبُوعًا/2 وَإِلَّا/3 فَاسْقِهَا السَّمَّ النَّقِيعَا/4
أُسَائِلُهَا عَنِ الْمُتَدَيِّرِيهَا/5 فَلَا تَدْرِي/6 وَلَا تُذْرِي دُمُوعَا/7
لَحَاهَا اللَّهُ إِلَّا ماضِيَيْهَا زَمَانَ اللَّهْوِ وَالْخَوْدَ الشَّمُوعَا/8
[2] فَصْلُ الْغَزَلِ
مُنَعَّمَةٌ مُمَنَّعَةٌ رَدَاحٌ يُكَلِّفُ لَفْظُهَا الطَّيْرَ الْوُقُوعَا/9
تُرَفِّعُ ثَوْبَهَا الْأَرْدَافُ عَنْهَا/10 فَيَبْقَى مِنْ وِشَاحَيْهَا شَسُوعَا/11
إِذَا مَاسَتْ رَأَيْتَ لَهَا ارْتِجَاجًا لَهُ (لَوْلَا سَوَاعِدُهَا)13 نَزُوعَا/12
تَأَلَّمُ دَرْزَهُ وَالدَّرْزُ لَيْنٌ كَمَا تَتَأَلَّمُ الْعَضْبَ الصَّنِيعَا/14
ذِرَاعَاهَا عَدُوَّا دُمْلُجَيْهَا/15 يَظُنُّ ضَجِيعُهَا الزَّنْدَ الضَّجِيعَا/16
كَأَنَّ نِقَابَهَا غَيْمٌ رَقِيقٌ يُضِيءُ بِمَنْعِهِ الْبَدْرَ الطُّلُوعَا/17
أَقُولُ لَهَا اكْشِفِي ضُرِّي وَقَوْلِي بِأَكْثَرَ مِنْ تَدَلُّلِها خُضُوعَا
أَخِفْتِ اللَّهَ فِي إِحْيَاءِ نَفْسٍ مَتَى عُصِيَ الْإِلَهُ بِأَنْ أُطِيعَا
غَدَا بِكِ كُلُّ خِلْوٍ مُسْتَهَامًا وَأَصْبَحَ كُلُّ مَسْتُورٍ خَلِيعَا
أُحِبُّكِ أَوْ يَقُولُوا جَرَّ نَمْلٌ ثَبِيرًا وَابْنُ إِبْرَاهِيمَ رِيعَا/18
[3=أ] فَصْلُ الْمَدِيحِ
بَعِيدُ الصِّيتِ مُنْبَثُّ السَّرَايَا يُشَيِّبُ ذِكْرُهُ الطِّفْلَ الرَّضِيعَا/19
يَغُضُّ الطَّرْفَ مِنْ مَكْرٍ وَدَهْيٍ كَأَنَّ بِهِ (وَلَيْسَ بِهِ)21 خُشُوعَا/20
إِذَا اسْتَعْطَيْتَهُ مَا فِي يَدَيْهِ فَقَدْكَ/22 سَأَلْتَ عَنْ سِرٍّ مُذِيعَا/23
قَبُولُكَ مَنَّهُ مَنٌّ عَلَيْهِ/24 وَإِلَّا يَبْتَدِئْ/25 يَرَهُ فَظِيعَا/26
لِهُونِ الْمَالِ أَفْرَشَهُ أَدِيمًا/27 وَلِلتَّفْرِيقِ يَكْرَهُ أَنْ يَضِيعَا/28
إِذَا ضَرَبَ الْأَمِيرُ رِقَابَ قَوْمٍ فَمَا لِكَرَامَةٍ مَدَّ النُّطُوعَا/29
فَلَيْسَ بِوَاهِبٍ إِلَّا كَثِيرًا/30 وَلَيْسَ بِقَاتِلٍ إِلَّا قَرِيعَا/31
وَلَيْسَ مُؤَدِّبًا إِلَّا بِنَصْلِ/32 كَفَى الصَّمْصَامَةُ التَّعَبَ الْقَطِيعَا/33
عَلِيٌّ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ مَجِيءِ مُبَارِزَهُ وَيَمْنَعُهُ الرُّجُوعَا/34
عَلِيٌّ قاتِلُ الْبَطَلِ الْمُفَدَّى وَمُبْدِلُهُ مِنَ الزَّرَدِ النَّجِيعَا/35
إِذَا اعْوَجَّ الْقَنَا فِي حَامِلِيهِ وَجازَ إِلَى ضُلُوعِهِمُ الضُّلُوعَا
وَنَالَتْ ثَأْرَهَا الْأَكْبَادُ مِنْهُ فَأَوْلَتْهُ انْدِقَاقًا أَوْ صُدُوعَا
فَحِدْ فِي مُلْتَقَى الْخَيْلَيْنِ عَنْهُ/36 وَإِنْ كُنْتَ الْخُبَعْثِنَةَ الشَّجِيعَا/37
إِنِ اسْتَجْرَأْتَ تَرْمُقُهُ بَعِيدًا/38 فَأَنْتَ اسْطَعْتَ شَيْئًا مَا اسْتُطِيعَا/39
وَإِنْ مَارَيْتَنِي/40 فَارْكَبْ حِصَانًا/41 وَمَثِّلْهُ/42 تَخِرَّ لَهُ صَرِيعَا/43
غَمَامٌ رُبَّمَا مَطَرَ انْتِقَامًا فَأَقْحَطَ وَدْقُهُ الْبَلَدَ الْمَرِيعَا/44
[4] فَصْلُ الشُّكْرِ
رَآنِي بَعْدَ ما قَطَعَ الْمَطَايَا تَيَمُّمُهُ وَقَطَّعَتِ الْقُطُوعَا/45
فَصَيَّرَ سَيْلُهُ بَلَدِي غَدِيرًا/46 وَصَيَّرَ خَيْرُهُ سَنَتِي رَبِيعَا/47
وَجَاوَدَنِي بِأَنْ يُعْطِي وَأَحْوِي/48 فَأَغْرَقَ نَيْلُهُ أَخْذِي سَرِيعَا/49
أَمُنْسِيَّ السَّكُونَ وَحَضْرَمَوْتًا وَوَالِدَتِي وَكِنْدَةَ وَالسَّبِيعَا/50
[3=ب] فَصْلُ الْمَدِيحِ
قَدِ اسْتَقْصَيْتَ فِي سَلْبِ الْأَعَادِي/51 فَرُدَّ لَهُمْ مِنَ السَّلَبِ الْهُجُوعَا/52
إِذَا مَا لَمْ تُسِرْ جَيْشًا إِلَيْهِمْ أَسَرْتَ إِلَى قُلُوبِهِمُ الْهُلُوعَا/53
رَضُوا بِكَ كَالرِّضَا بِالشَّيْبِ قَسْرًا وَقَدْ وَخَطَ النَّوَاصِيَ وَالْفُرُوعَا/54
فَلَا عَزَلٌ وَأَنْتَ بِلَا سِلَاحٍ/55 لِحَاظُكَ مَا تَكُونُ بِهِ مَنِيعَا/56
لَوِ اسْتَبْدَلْتَ ذِهْنَكَ مِنْ حُسَامٍ/57 قَدَدْتَ بِهِ الْمَغَافِرَ وَالدُّرُوعَا/58
لَوِ اسْتَفْرَغْتَ جُهْدَكَ فِي قِتَالٍ/59 أَتَيْتَ بِهِ عَلَى الدُّنْيَا جَمِيعَا/60
سَمَوْتَ بِهِمَّةٍ تَسْمُو فَتَسْمُو/61 فَمَا تُلْفَى بِمَرْتَبَةٍ قَنُوعَا/62
وَهَبْكَ سَمَحْتَ/63 (حَتَّى لَا جَوَادٌ)/64 فَكَيْفَ عَلَوْتَ/65 حَتَّى لَا رَفِيعَا/66

http://www.m-a-arabia.com/vb/showthread.php?t=4847

بين أبي تمام والمتنبي=2 أ.د. محمد جمال صقر عضو المجمع

بين أبي تمام والمتنبي
2
كلا أبي تمام (188-228هـ) والمتنبي (303-354هـ)، فنانان كبيران وعالمان كبيران معا، على ندرة اجتماع الفن والعلم الكبيرين لمفكر واحد- عظيما الثقة، شديدا الجرأة، بليغا الأثر، يتفلَّتُ كلامهما في أنفسهما مِنْ طَوَايا كلامهما في كل شيء حريصين على تحيير المتلقي فيما يصطنعانه من التراكيب الطريفة!
ولكن شعر أبي تمام 486 قصيدة بـ 7323 بيتا، من بحور الكامل، فالطويل، فالبسيط، فالخفيف، فالوافر، فالمنسرح، فالسريع، فالرجز، فالمتقارب، فالرمل، فالهزج، فالمديد، فالمجتث، على ترتيب أنصبتها من أعداد الأبيات- وشعر المتنبي 283 قصيدة بـ 5556 بيتا، من بحور الطويل، فالكامل، فالبسيط، فالوافر، فالخفيف، فالمنسرح، فالمتقارب، فالسريع، فالرجز، فالمجتث، فالرمل، على ترتيب أنصبتها من أعداد الأبيات كذلك.
ولو قيس الشعر بالعمر لكان ينبغي أن ينعكس ما بين شاعرينا؛ فقد عاش المتنبي مقدار 1.70 من عمر أبي تمام، وكانت أبيات أبي تمام في مقدار 1.31 من أبيات المتنبي؛ ولكنه إفراط سعي المتنبي إلى المجد، الذي لم يحصل منه على مثل ما حصل عليه أبو تمام في عمره القصير!
ولقد اجتمع أبو تمام والمتنبي على تغليب استعمال خمسة الأبحر التي غلبت على الشعر العربي على وجه العموم -وإن تقدم منها الكامل في شعر أبي تمام فالطويل فالبسيط فالخفيف فالوافر، وتقدم منها الطويل في شعر المتنبي فالكامل فالبسيط فالوافر فالخفيف، على حين تقدم منها الطويل في الشعر العربي على وجه العموم فالكامل فالبسيط فالخفيف فالوافر- فطابق أبو تمام عموم الشعر العربي من آخره، وطابقه المتنبي من أوله!
واجتمعا كذلك على إهمال أبحر المضارع والمقتضب والمتدارك، وهي أضعف بحور الشعر العمودي استعمالا على وجه العموم. وانفرد أبو تمام دون المتنبي باستعمال بحري المديد والهزج -وإن أقل منهما كثيرا- ولم تتحد بينهما منازل ما استعملا من بحور -وإن تقاربت- غير منزلتي المنسرح والرجز؛ وفي ذلك كله دليل استقلال ذوق المتنبي.

http://www.m-a-arabia.com/vb/showthread.php?t=4846

بين أبي تمام والمتنبي=1 أ.د. محمد جمال صقر عضو المجمع

بين أبي تمام والمتنبي
١
ترى كيف يفهم شعراﺀ العامية المصريون قول فؤاد حداد كبيرهم الذي علمهم السحر:
في عصرْ ذرّي
لازمْ نقرّي
شعر المعرّي
لقد ضافنا مرة بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة سنة ١992 تقريبا سيد حجاب شاعر العامية المصرية المعروف، فسمعني أذكر اشتغالي بالأمثال فانتبه وأقبل يستزيدني، فلما عرف أنها الأمثال العربية القديمة انصرف عني بأنه مهتم بالأمثال المصرية!
رحم الله فؤاد حداد وطيب ثراه بما أيقن فأخلص فأتقن فثبت فرضي! وهدى كل من يدعي البنوّة له وما من حجة يحتج بها غير انصرافه إلى العامية عن الفصحى! هداه إلى أن يعرف أنه لو صحت بنوّته لفؤاد حداد لانصرف للفصحى قبل العامية أو معها!
في عصر ذرى
لازم نقري
شعر المعري
ولكن المعري نفسه كان مأخوذا بشعر المتنبي حتى عرف تلامذته وعرفنا أنه إذا ذكر الشاعر لم يقصد بها غيره، وكان متعصبا لأبي تمام على البحتري! وقد وضع في أشعارهم على منازلهم عنده كتبه الثلاثة: معجز أحمد في شعر أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وذكرى حبيب في شعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي، وعبث الوليد في شعر أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي!
ولا تخفى سخريته من البحتري ولا ارتياحه إلى أبي تمام ولا إكباره للمتنبي، على رغم أنهم اجتمعوا عند ابن الأثير مثلا في منزلة واحدة فهم "لَاتُ الشِّعْرِ وَعُزَّاهُ وَمَنَاتُهُ، الَّذِينَ ظَهَرَتْ عَلَى أَيْدِيهِمْ حَسَنَاتُهُ وَمُسْتَحْسَنَاتُهُ. وَقَدْ حَوَتْ أَشْعَارُهُمْ غَرَابَةَ الْمُحْدَثِينَ إِلَى فَصَاحَةِ الْقُدَمَاءِ، وَجَمَعَتْ بَيْنَ الْأَمْثَالِ السَّائِرَةِ وَحِكْمَةِ الْحُكَمَاءِ"!
ونحن -وإن لم نحطب في حبل سخرية المعري من البحتري اعتذارا عنه بما أوغر صدره من أنصاره- نرتاح إلى شعر أبي تمام، ولكننا لا نقعد به بعيدا عن شعر المتنبي، بل نجمع بينهما في قرن، وننصت إليهما من وراﺀ القرون إنصاتا واحدا، وفي النفس أنْ لو لم يكن أبو تمام ما كان المتنبي!

تفضلوا بزيارة المنتدى

السبت، 22 مارس 2014

د ن ق ... صالح بن إبراهيم العوض عضو المجمع




دنق جذر الكلمة الدال والنون والقاف .
وهذا الجذر ورد في لغة العرب لعدة معانٍ منها ما هو أصيل في لغتهم ومنها ما هو معرب .
أما المعرب فلا شأن لنا به هنا.
وأما الأصيل فالذي يعنينا منه هنا ما يوحي بالمصطلح الدلالي القريب من اللهجة الشائعة في عصرنا الحالي وما يتداوله العوام في تعابيرهم الدارجة.
فكلمة دنَّق الرباعية بالتضعيف تستعمل باشتقاقات كثيرة ولا تعني إلا قصداً واحداً من معاني الكلام وهو الانحناء من الوقوف والدنو من الأرض لأمر ما. والاحديداب على عمل يقوم به وقد جَهِدَه وفرغ نفسه له.
وهذا الغرض الدلالي وارد لذات مؤداه في كلام العرب الأصيل.
يقول الصاحب ابن عباد في المحيط :
"والتدنيق في شدة النظر والتجحيظ. دنَّق بصرَه. ورأيته مدنِّقاً إلى الأرض".
وحمار مدنِّقٌ : مسترخي الأذنين من مرض.
والزبيدي في تاج العروس قد استوفى ـ تقريباً ـ معانيها وما قاله اللغويون فيها بوصفه متأخراً فأحاط بكثير من معاجم اللغة ولم شعث الكلمة.
يقول :
ومن المجاز : "دَنَقَ" فلانٌ يدنُق ويدنِق من حدَّي نصر وضرب دنوقاً كقعود؛ أَسَفَّ لدقائق الأمور، نقله الزمخشري وابن عباد. وقصد الزبيدي أساس البلاغة والمحيط في اللغة.
ثم يقول :
و(التدنيق الاستقصاء) ومنه قول الحسن البصري : " لا تدنِّقوا فيدنق الله عليكم" كذا في الصحاح. وأهل العراق يقولون فلان مدنِّق: إذا كان يداقُّ النظر في معاملاته ونفقاته ويستقصي.
والمداقَّة والاستقصاء كناية عن البخل والشح.
والتدنيق : إدامة النظر إلى الشيء مثل الترنيق؛ يقال دنَّق إليه النظر ورنَّق؛ وكذلك النظر الضعيف كما في الصحاح.
والتدنيق: (دنوُّ الشمس للغروب) كما في الصحاح ،وهو مجاز، يقال دنَّقت الشمس : إذا قل ما بينها وبين الغروب.
اخترت هذه المعاني لما فيها من قرب لما هو شائع في لهجتنا المعاصرة. وإلا فقد أورد اللغويون في معاجمهم لها معانيَ شتى إلا أنها مهملة في دارجنا اليوم.
ويدخل المدلول الحصري لاستخدامها اليوم الذي أشرت إليه آنفاً في مظنة المجاز كما توسع العرب السابقون فقد توسع عرب اليوم وهو حق لهم مثلما هو حق لسابقيهم .
والله أعلم .





http://www.m-a-arabia.com/vb/showthread.php?t=4843

قواعد في الصرف.. د. عبد العزيز بن علي الحربي





قواعد في الصرف
الحمد للّه، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن ولاه، وبعد: هذه قواعد صرفيّة صِرْفة، على غرار القواعد المئة التي كتبتها في علم النحو، في صدر شرح الألفية.. وضعت هذه القواعد حين رأيت إقبال الطالبين على قراءتها وحفظها؛ لأنها سهلة موجزة.
1- الصرف: علم يبحث في بنية الكلمة لا في إعرابها. 
2- لا تصريف في الحرف وشبهه. 
3- حروف العلة (واي) والزيادة سألتمونيها، والإبدال (هدأت موطيا).

التنبيه الرابع لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية

للاطلاع على المزيد من تفاصيل التنبيه، تفضل بالدخول لمنتدى المجمع.
http://www.m-a-arabia.com/vb/showthread.php?t=4567

التنبيه الثالث لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية.http://www.m-a-arabia.com/wp-content/uploads/2014/02/scan0012-620x846.jpg


التنبيه الثاني لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية.http://im38.gulfup.com/utRb0.jpg


التنبيه الأول لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية.




مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية
تأسيسه :أنشئ مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية عن شعور من مؤسِّسه بحاجة الدّارسين له بعد أن طال انتظار الغيارَى لمجمع يُعيد ما كانت المجامع العلمية ترصده وتقرّره أو تحييه أو تُميته .. ولما كانت الشبكة العالمية اليوم هي الوسيلة الكبرى والدائرة الوسعَى ، وكان الوصول إليها أيسر ، عزمنا على تأسيسه وإنشائه ليكون مرقبا يجمع صفوةً من العربيَّة ونقبائها ومرصدًا لحرّاسها و رقبائها ، وليكون مفخرا من مفاخر هذه البلاد (المملكة العربية السعودية ) وكان تأسيسه بتاريخ 1 / 3 / 1433هـ . تأسيس وفكرة وإشراف : عبد العزيز بن علي الحربي / أستاذ القراءات والتفسير المشارك بجامعة أم القرى. الراعي الفخري للمجمع : رجل الأعمال المعروف سعادة الشيخ مشعل بن سرور الزايدي. أعمال المجمع :1ـ دراسة الألفاظ والأساليب والمصطلحات الجديدة في العلوم والآداب والفنون التي لم تدرسها المجامع من قبل .2ـ دراسة لهجات القبائل في الجزيرة العربية وما حولها تصحيحا وتأصيلا .3ـ إصدار مجلة علمية إلكترونية دورية محكمة .4ـ دراسة ما يقدّمه المتصفحون من أسئلة ومقترحات.5ـ التواصل مع الدارسين وطلبة العلم بواسطة الهاتف (الخط الساخن) كل يوم .6ـ تقديم الرأي والمشورة في الصياغة اللغوية لجهات معينة (الجهات الرسمية، القضاء، المحاماة، العقود) . أهداف المجمع :1ـ حراسة العربية والتصدّي لما تتعرض له من تحريف وتشويه .2ـ تصحيح الأغلاط الشائعة .3ـ العناية باللهجات العامية في الجزيرة العربية ، لاسيّما في المملكة العربية السعودية.4ـ إبراز مكانة اللغة العربية وأسرارها من خلال القرآن الكريم .5ـ تيسير العربية وتقريبها .6ـ إحياء التراث العربي .