إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 23 مارس 2014

بين أبي تمام والمتنبي=1 أ.د. محمد جمال صقر عضو المجمع

بين أبي تمام والمتنبي
١
ترى كيف يفهم شعراﺀ العامية المصريون قول فؤاد حداد كبيرهم الذي علمهم السحر:
في عصرْ ذرّي
لازمْ نقرّي
شعر المعرّي
لقد ضافنا مرة بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة سنة ١992 تقريبا سيد حجاب شاعر العامية المصرية المعروف، فسمعني أذكر اشتغالي بالأمثال فانتبه وأقبل يستزيدني، فلما عرف أنها الأمثال العربية القديمة انصرف عني بأنه مهتم بالأمثال المصرية!
رحم الله فؤاد حداد وطيب ثراه بما أيقن فأخلص فأتقن فثبت فرضي! وهدى كل من يدعي البنوّة له وما من حجة يحتج بها غير انصرافه إلى العامية عن الفصحى! هداه إلى أن يعرف أنه لو صحت بنوّته لفؤاد حداد لانصرف للفصحى قبل العامية أو معها!
في عصر ذرى
لازم نقري
شعر المعري
ولكن المعري نفسه كان مأخوذا بشعر المتنبي حتى عرف تلامذته وعرفنا أنه إذا ذكر الشاعر لم يقصد بها غيره، وكان متعصبا لأبي تمام على البحتري! وقد وضع في أشعارهم على منازلهم عنده كتبه الثلاثة: معجز أحمد في شعر أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وذكرى حبيب في شعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي، وعبث الوليد في شعر أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي!
ولا تخفى سخريته من البحتري ولا ارتياحه إلى أبي تمام ولا إكباره للمتنبي، على رغم أنهم اجتمعوا عند ابن الأثير مثلا في منزلة واحدة فهم "لَاتُ الشِّعْرِ وَعُزَّاهُ وَمَنَاتُهُ، الَّذِينَ ظَهَرَتْ عَلَى أَيْدِيهِمْ حَسَنَاتُهُ وَمُسْتَحْسَنَاتُهُ. وَقَدْ حَوَتْ أَشْعَارُهُمْ غَرَابَةَ الْمُحْدَثِينَ إِلَى فَصَاحَةِ الْقُدَمَاءِ، وَجَمَعَتْ بَيْنَ الْأَمْثَالِ السَّائِرَةِ وَحِكْمَةِ الْحُكَمَاءِ"!
ونحن -وإن لم نحطب في حبل سخرية المعري من البحتري اعتذارا عنه بما أوغر صدره من أنصاره- نرتاح إلى شعر أبي تمام، ولكننا لا نقعد به بعيدا عن شعر المتنبي، بل نجمع بينهما في قرن، وننصت إليهما من وراﺀ القرون إنصاتا واحدا، وفي النفس أنْ لو لم يكن أبو تمام ما كان المتنبي!

تفضلوا بزيارة المنتدى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق